ثلاثة بيانات صدرت عن 3 دول عربية تحظر السفر الى لبنان، وتدعو رعاياها الموجودين، الى المغادرة: قطر، البحرين والإمارات. وزارة الخارجية القطرية، أوردت على موقعها الإلكتروني بياناً، عزا فيه دعوتها هذه «الى الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وما قد يترتب عليها من تداعيات». الخارجية الإماراتية أعادت السبب أيضاً الى «توتر الأوضاع الأمنية»، فيما رأت الخارجية البحرينية أن لبنان أصبح «بلداً غير آمن»، وبينما ترددت معلومات عن أن السفارة السعودية أصدرت تحذيراً مماثلاً، فإنّ أي بيان رسمي لم يصدر عنها في هذا الإطار.
«عدد رعايا هذه الدول الثلاث قليل فعلياً نسبة الى العدد الإجمالي للسياح في لبنان»، يقول وزير السياحة فادي عبود. يوضح أن هؤلاء يمثّلون أقل من 5 في المئة من عدد السياح. ويرى أن التحذيرات سياسية. «لفرض نوع من الحصار الاقتصادي على لبنان»، إذ على الرغم من أن الوضع الأمني في لبنان يعدّ «طارداً» سياحياً، الا أن أي دولة لم تدع رعاياها الى مغادرة البحرين، مثلاً، رغم أن الوضع فيها دقيق جداً. يستغرب عبود هذه المواقف، ويأسف لـ «الحصار الاقتصادي»، ويقول: «الإشكالات الأمنية محصورة في مناطق محددة، ولا تستدعي خروج السياح»، لافتاً إلى أنه على رغم قلة عدد الوافدين من الدول الثلاث، الا أن أثر البيانات التحذيرية يطاول جميع دول العالم، بحيث تترك «آثاراً نفسية غير مستحبة».
عودة الى الأرقام. وصل العدد الإجمالي للوافدين الى لبنان منذ كانون الثاني حتى نيسان الماضي الى 436 ألفاً و860 وافداً، بينهم 180 ألفاً و593 عربياً، أي ما يمثّل نسبة 41 في المئة من عدد الوافدين الإجمالي. في المقابل، كان عدد الوافدين في الفترة نفسها من العام الماضي 475 ألفاً و534 ألفاً، بينهم 155 ألفاً و96 عربياً، بنسبة 32،6 في المئة من اجمالي عدد الوافدين في الأشهر الأربعة الأولى من 2011. ما يعني أن عدد الوافدين العرب الى لبنان شهد تطوراً في الأشهر الأولى بين عامي 2011 و2012. إلا أن اللافت، خلال احتساب عدد الوافدين العرب، أن لا الإمارات ولا قطر ولا البحرين تحتل أياً من المراتب الأساسية. ففي كانون الثاني من العام الحالي، احتل الوافدون السعوديون المرتبة الأولى، من ثم العراقيون فالأردنيون. وفي شباط، احتل العراقيون المرتبة الأولى، من بعدهم الأردنيون فالسعوديون. وفي آذار احتل السعوديون المرتبة الأولى يليهم العراقيون فالأردنيون. وفي نيسان احتل العراقيون المرتبة الأولى يليهم الأردنيون فالسعوديون، فيما توزعت المراتب الأدنى بين المصريين والكويتيين.
يشرح الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي أن القطاع السياحي لم يشهد أي إلغاء للحجوزات حتى الآن إلا بنسب بسيطة. ويلفت الى أن ذلك يعود الى طبيعة العلاقة السياحية بين لبنان والدول العربية، إذ إن السياح العرب لا يقدمون على الحجز في لبنان الا قبل 10 أيام الى 15 يوماً من موعد قدومهم. وبالتالي، ليس هناك حجوزات كثيرة لصيف 2012. والانعكاسات الأمنية، إضافة الى ردود الفعل على البيانات التحذيرية التي أصدرتها الدول الثلاث، يمكن تتبعها خلال الأشهر المقبلة. ويشير بيروتي الى أن «استمرار الوضع الأمني على ما هو عليه هو الأساس في تحقيق كارثة اقتصادية في لبنان، إذ إن الهدوء سينعكس عدم التزام بالتحذيرات، فيما استمرار الأزمة الأمنية والسياسية سيزيد من الحذر ومن المخاوف». ويشدد بيروتي على أن عدد السياح من قطر والبحرين والإمارات ليس كبيراً نسبة الى العدد الإجمالي للسياح، «الا أن ذلك ليس مقياساً، فالأساس هو حجم الإنفاق الذي يحققه هؤلاء، وخصوصاً أن معظمهم من المستثمرين الذين ينفقون على نحو خاص في الأسواق التجارية والقطاع العقاري».
طبعاً، يصعب قياس حجم إنفاق السياح في لبنان، كما يصعب تحديد مجالات الإنفاق. إلا أن شركة «غلوبال بلو»، التي تعد دراسات تقديرية حول حجم الإنفاق، نسبة الى قيمة الضريبة على القيمة المضافة التي يستردها المغادرون من لبنان، تظهر بعض جوانب الإنفاق السياحي. وتظهر الدراسة التي أعدت عام 2011، أن عدد السياح لا يمثّل مؤشراً فعلياً إلى قياس الإنفاق الحاصل من قبل السياح، إذ مثّل الإنفاق السياحي السعودي 20 في المئة من مجموع الإنفاق السياحي عام 2011. وحلّ الإماراتيون في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق (11 في المئة) فالكويتيون (10 في المئة)، ومن ثم السوريون (8 في المئة) والمصريون (6 في المئة).
كذلك، ازداد إنفاق السياح الإماراتيين بنسبة لافتة خلال عام 2011 (20 في المئة) يليهم الفرنسيون (10 في المئة) والسوريون (8%) فالكويتيون (4%) والقطريون (2%)، فيما تراجع إنفاق المصريين بنسبة 12 في المئة ثم الأردنيين (3-%) والسعوديين (2-%). وقد حلت أصناف الموضة والملابس في طليعة السلع التي شهدت إنفاقاً سياحياً (74%)، تلتها الساعات (9%) ليتوزع ما تبقى على العطور ومواد التجميل وأدوات الحدائق وزينة المنازل وغيرها. ويمكن من خلال هذه الإحصاءات تبيان الآثار السلبية التي ستحدثها البيانات التحذيرية للسفارات الثلاث على الاقتصاد اللبناني على نحو عام، وعلى القطاع السياحي خصوصاً. ويمكن توقع انحسار في عمل الأسواق التجارية، وخصوصاً في بيروت، التي تعدّ المقصد الأول لإنفاق السياح (84% من الإنفاق الإجمالي عام 2011 وفق دراسة «غلوبال بلو»)، تليها منطقة المتن (12%) فكسروان (2%) وبعبدا (1%).